فصل: قال الفراء:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.فصل في معاني السورة كاملة:

.قال المراغي:

سورة البروج:
{البروج}: وأحدها برج، ويطلق على الحصن والقصر العالي وعلى أحد بروج السماء الاثني عشر، وهى منازل الكواكب والشمس والقمر، فيسير القمر في كل برج منها يومين وثلث يوم فذلك ثمانية وعشرون يوما ثم يستتر ليلتين، وتسير الشمس في كل برج منها شهرا، ستة منها في شمال خط الاستواء وستة في جنوبه فالتي في شماله هي: الحمل والثور والجوزاء والسّرطان والأسد والسّنبلة، والتي في جنوبه هي الميزان والعقرب والقوس والجدى والدّلو والحوت. وتقطع الثلاثة الأولى في ثلاثة أشهر أوّلها اليوم العشرون من شهر مارس، وهذه المدة هي فصل الربيع، وتقطع الثلاثة الثانية في ثلاثة أشهر أيضًا أولها اليوم الحادي والعشرون من شهر يونيه، وهذه المدة هي فصل الصيف، وتقطع الثلاثة الأولى من الجنوبية في ثلاثة أشهر أيضًا، أولها اليوم الثاني والعشرون من شهر سبتمبر، وهذه المدة هي فصل الخريف، وتقطع الثلاثة الثانية من الجنوبية في ثلاثة أشهر أيضًا أولها اليوم الثاني والعشرون من شهر ديسمبر، وهذه المدة هي فصل الشتاء، {واليوم الموعود}: هو يوم القيامة، لأن اللّه قد وعد به، والشاهد والمشهود: جميع ما خلق اللّه تعالى في هذا العالم، فإن كل ما خلقه شاهد على جليل قدرته وعظيم حكمته.
وفى كل شيء له آية ** تدل على أنه وأحد

وهو مشهود أيضًا لكل ذي عينين، و{الأخدود}: الشق في الأرض يحفر مستطيلا، وجمعه أخاديد، و{أصحاب الأخدود}: قوم كافرون ذوو بأس وقوة رأوا قوما من المؤمنين فغاظهم إيمانهم فحملوهم على الكفر فأبوا فشقوا لهم شقا في الأرض وحشوه بالنار وألقوهم فيه، وكان هؤلاء الغلاظ الأكباد على جوانب الشق يشهدون الإحراق {وما نَقَمُواْ منهم}: أي ما عابوا عليهم، {العزيز}: أي الذي لا تغلب قوته، {الحميد}: أي الذي يحمد على كل حال.
{فتنوا}: أي ابتلوا وامتحنوا، {عذاب الحريق}: هو عذاب جهنم ذكر تفسيرا وبيانا له، {الفوز الكبير}: أي الذي تصغر الدنيا بأسرها عنده، بما فيها من رغائب لا تفنى.
البطش: الأخذ بالعنف والشدة، {يبدئ ويعيد}: أي هو الذي يبدأ الخلق ثم يفنيهم ثم يعيدهم أحياء مرة أخرى، ليجازيهم بما عملوا في حياتهم الأولى، {الغفور}: أي الذي يعفو ويستر ذنوب عباده بمغفرته، {الودود}: أي الذي يحب أولياءه ويتودّد إليهم بالعفو عن صغير ذنوبهم، {ذو العرش}: أي صاحب الملك والسلطان والقدرة النافذة، {المجيد}: أي السامي القدر المتناهي في الجود والكرم، تقول العرب: في كل شجر نار، واستمجد المرخ والعفار. أي تناهيا في الاحتراق حتى يقتبس منهما.
{الجنود}: تطلق تارة على العسكر، وتطلق أخرى على الأعوان والمراد بهم هنا الجماعات الذين تجندوا على أنبياء اللّه واجتمعوا على أذاهم، {فرعون}: هو طاغية مصر، {ثمود}: قبيلة بائدة من العرب لا يعرف من أخبارها إلا ما قصه اللّه علينا، {محيط}: أي هم في قبضته وحوزته كمن أحيط به من ورائه فانسدت عليه المسالك، {مجيد}: أي شريف {محفوظ}: أي مصون من التحريف، والتغيير والتبديل. اهـ.. باختصار.

.قال الفراء:

سورة البروج:
{وَالسماء ذَاتِ البروج}
قوله عز وجل: {وَالسماء ذَاتِ البروج...}.
اختلفوا في البروج، فقالوا: هي النجوم، وقالوا: هي البروج التي تجرى فيها الشمس والكواكب المعروفة: اثنا عشر برجاً، وَقالوا: هي قصور في السماء، والله أعلم بصواب ذلك.
{وَالْيوم الموعود وَشَاهِدٍ ومشهود}
وقول جل وَعز: {وَالْيوم الموعود...}.
ذكروا أنه القيامة، {وَشَاهِدٍ...} يوم الجمعة، {ومشهود...} يوم عرفة، وَيقال: الشاهد أيضًا يوم القيامة، فكأنه قال: واليوم الموعود وَالشاهد، فيجعلُ الشاهد من صلة {الموعود}، يتبعه في خفضه.
{قتل أَصْحَابُ الأخدود}
وقوله جل وعز: {قتل أَصْحَابُ الأخدود...}.
يقال في التفسير: إن جواب القسم في قوله: {قتل}، كما كان جواب {وَالشّمسِ وَضُحَاها} في قوله! {قَدْ أفْلَحَ}: هذا في التفسير، ولم نجد العرب تدع القسم بغير لام يُسْتَقْبَل بها أو (لا) أو {إن} أو (ما) فإن يكن كذلك فكأنه مما ترك فيه الجواب: ثم استؤنف موضع الجواب بالخير، كما قيل: يأيها الإنسان في كثير من الكلام.
وقوله جل وعز: {الأخدود...}.
كان مالك خدّ لقوم أخاديد في الأرض، ثم جمع فيها الحطب، وألهب فيها النيران، فأحرق بها قوما وقعد الذين حفروها حولها، فرفع الله النار إلى الكفرة الذين حفروها فأحرقتهم، ونجا منها المؤمنون، فذلك قوله عز وجل: {فَلَهُمْ عذاب جَهَنَّمَ} في الآخرة {وَلَهُمْ عذاب الحريق} في الدنيا. ويقال: إنها أحرقت من فيها، ونجا الذين فوقها.
واحتج قائل هذا بقوله: {وَهُمْ على مَا يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شهود}، والقول الأول أشبه بالصواب، وذلك لقوله: {فَلَهُمْ عذاب جَهنَّمَ ولَهُمْ عذاب الحريق} ولقوله في صفة الذين آمنوا {ذَلِكَ الْفَوْزُ الكبير}، يقول: فازوا من عذاب الكفار، وعذاب الآخرة، فأكْبِر به فوزا.
وقوله عز وجل: {قتل أَصْحَابُ الأخدود...}.
يقول: قتلهم النار، ولو قرئت: {النارُ ذاتُ الوقود}، بالرفع كان صوابا.
وقرأ أبو عبد الرحمن السُّلْمّي، {وكَذَلِكَ زُيِّنَ لِكَثِيرٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ قتل أَوْلاَدِهِمْ شُرَكَاؤُهم}. رفع الشركاء بإعادة الفعل: زينه لهم شركاؤهم. كذلك قوله: {قتل أَصْحَابُ الأخدود} قتلتهم النار ذات الوقود. ومن خفض: {النارِ ذاتِ الوقود} وهى في قراءة العوام- جعل النار هي الأخدود إذ كانت النار فيها كأنه قال: قتل أصحاب النار ذات الوقود.
{ذُو العرش المجيد}
وقوله عز وجل: {ذُو العرش المجيد...}.
خفضه يحيى وأصحابه.
وبعضهم رفعه جعله من صفة الله تبارك وتعالى. وخفْضُه من صفة العرش، كما قال: {بَلْ هُوَ قرآن مجيد} فوصف القرآن بالمَجَادة.
وكذلك قوله: {فِي لَوْحٍ محفوظ}.
من خفض جعله من صفة اللوح، ومن رفع جعله للقرآن، وقد رفع المحفوظ شيبة، وأبو جعفر المدنيان. اهـ.

.قال الأخفش:

سورة البروج:
{قتل أَصْحَابُ الأخدود}
موضع قسمها- والله أعلم- على {قتل أَصْحَابُ الأخدود} أضمر اللام كما قال: {وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا} {قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا} يريد إن شاء الله (لَقَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا) وألقى اللام. وإن شئت على التقديم كأنه قال: {قتل أَصْحَابُ الأخدود} {وَالسماء ذَاتِ البروج} [1] وقال بعضهم {إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لشديد} [12].
{النَّارِ ذَاتِ الوقود}
وأما قوله: {النَّارِ ذَاتِ الوقود} فعلى البدل.
وأما {الوقود} فالحطب و{الوقود} الفِعل وهو (الاتِّقاد).
{ذُو العرش المجيد}
وقال: {ذُو العرش المجيد} فـ {المجيد} جرّ على {العرش} والرفع على قوله: {ذُو} وكذلك {محفوظ} جر على (اللَّوْح) ورفع على (القرآن). اهـ.

.قال ابن قتيبة:

سورة البروج:
1- {البروج}: بروج النجوم، وهي اثنا عشر برجا. ويقال: (البروج): القصور.
2- {والْيوم الموعود}: يوم القيامة.
3- {وَشاهِدٍ} في يوم الجمعة. كأنه أقسم بمن يشهده. {ومشهود}: يوم الجمعة، ويوم عرفة.
4- الأخدود: الشقّ العظيم المستطيل في الأرض. وجمعه: (أخاديد).
وكان رجل من الملوك خدّ لقوم في الأرض أخاديد، وأوقد فيها نارا، ثم ألقي قوما من المؤمنين في تلك الأخاديد.
10- {فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ} أي عذبوهم. اهـ.

.قال الغزنوي:

سورة البروج:
{الشّاهد}: الملك والرّسول، و(المشهود): الإنسان. و{الأخدود}: شقّ في الأرض. هبّت نار الأخدود إلى أصحابها القعود عليها فأحرقتهم.
22 {فِي لَوْحٍ محفوظ} عن أنس: إنّه على التمثيل، أي: كأنّ القرآن لحفظ القلوب إياه في لوح محفوظ، وإلّا فإنّما يحتاج إليه من ينسى.
ويروى: أنّ اللّوح شيء يلوح للملائكة فيعرفون به ما يلقى إليهم. اهـ.

.قال ملا حويش:

تفسير سورة البروج:
عدد 27- 85.
نزلت بمكة بعد سورة والشمس.
وهي اثنتان وعشرون آية، ومثلها في عدد الآي المجادلة فقط.
ومائة وتسع كلمات.
وأربعمائة وخمسة وستون حرفا.
ويوجد سورة الطارق مبدوءة بما بدئت به ولا يوجد سورة مختومة بما ختمت به.
لا ناسخ ولا منسوخ فيها.
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
قال تعالى: {وَالسماء ذاتِ البروج 1} القصور الاثني عشر ستة منها شمالية، ثلاثة ربيعية وهي الحمل والثور والجوزاء وابتداء الحمل من الاعتدال الربيعي وثلاثة صيفية: السرطان والأسد والسنبلة وابتداء السرطان من نقطة الانقلاب الصيفي والشمال يسار القبلة، وستة جنوبية ثلاثة خريفية وهي الميزان والعقرب والقوس وابتداء الميزان من الاعتدال الخريفي، وثلاثة شتائية:
الجدي والدلو والحوت وابتداء الجدي من الانقلاب الشتوي والجنوب يمين القبلة فتكون السنة الشمسية ثلاثمائة وخمسة وستين يوما وربع يوم وهي مدة دخول الشمس إلى النقطة التي فارقتها من تلك البروج، وكل برج ثلاثون درجة فمجموعها ثلاثمائة وستون درجة، كل درجة بمقدار أربع دقائق، ومجموعها أربع وعشرون ساعة وأن الشمس تقطع هذه البروج كلها مرة في السنة كل برج في شهر، وبها تتم دورة الفلك ويقطعها القمر في ثمان وعشرين يوما وكسور، وسيأتي تفصيلها عند تفسير الآية 39 من سورة يس الآتية ومعناها لغة القصر، والحصن وأصله الأمر الظاهر ثم صار حقيقة للقصر العالي لظهوره ويقال لما ارتفع من سور المدينة برج أيضًا وشبهت بالقصور لعلوها ولأن النجوم نازلة فيها والمراد بها هنا اجزاء الفلك الأعظم المسمى بالفلك الأطلس وفلك الأفلاك، وزعموا أنه العرش بلسان الشرع، لكنها لم تكن ظاهرة حساد لّوا عليها بما سامتها وقت تقسيم الفلك الأعلى من الصور المعروفة أي الاثني عشر برجا المار ذكرها لأنها في الفلك الثامن المسمى عندهم بفلك الثوابت أو بالكرسي بلسان الشرع على ما زعموا، فبرج الحمل مثلا ليس إلا جزءا من أثنى عشر جزءا من الفلك الأعلى سامته صورة الحمل من الثوابت وقت التقسيم وبرج الثور كذلك مسامتة صورة الثور منها في ذلك الوقت أيضًا وهكذا وإنما قيل وقت التقسيم لأن كل صورة قد خرجت لحركتها وإن كانت بطيئة عما كانت مسامتة له من تلك البروج حتى كاد يسامت اليوم الحمل برج الثور والثور برج الجوزاء وهكذا، وطول كل برج ثلاثون درجة وعرضه مائة وثمانون درجة منها تسعون في جهة الشمال، وتسعون في جهة القبلة.
وقال مجاهد وعكرمة وقتادة المراد بالبروج النجوم.
وأخرج ابن مردويه عن جابر بن عبد اللّه حديثا بلفظ الكواكب وأخرج ابن المنذر وعبد بن حميد عن أبي صالح أنها النجوم والكواكب العظام والأول أولى وأنسب بالمقام، وقد أقسم اللّه بها لما فيها من عظيم حكمته ومرور الكواكب السيارة فيها ومسيرها على قدر معلوم لا يختلف أبدا إلى حلول اليوم المعلوم {وَالْيوم الموعود 2} لخرابها وبعث الخلق وحسابهم وجزائهم {وَشاهِدٍ} فيه على الأعمال الواقعة من الخلق {ومشهود 3} فيه من أهوال وخوارق أقسم اللّه تعالى بيوم القيامة لعظمة ما فيه، وبأنبيائه الذين يشهدون على أممهم بما وقع منهم قال تعالى: {وَجِئْنا بِكَ على هؤُلاءِ شهيداً} الآية 41 من سورة النساء وباليوم المشهود لما فيه من العجائب التي يطلع عليها كافة الخلق قال تعالى: {فَوَيْلٌ لِلَّذينَ كَفَرُوا مِنْ مَشْهَدِ يوم عَظِيمٍ} الآية 35 من سورة مريم الآتية وقال تعالى: {ذلِكَ يوم مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ وَذلِكَ يوم مَشهود} الآية 103 من سورة هود.
وما قيل إن ذلك اليوم هو يوم الجمعة أو يوم التروية أو يوم عرفه اللّه جل شأنه والمشهود يوم عرفة أو يوم النحر أو آدم عليه السلام لا وجه له، وسياق النظم ينافيه وكل ما جاء في هذا من الأحاديث لا عبرة بها لأنها لم تثبت بصورة يصح الاحتجاج بها وجواب القسم {قتل أَصْحابُ الأخدود 4} الشقوق المستطيلة في الأرض المعمولة لتعذيب الناس، واعلم أن الذين وصفوا بهذا ثلاثة ولم يعلم المراد به منهم في هذه الآية وهي تنطبق عليهم الأذل أبطاموس الرومي عملها بالشام.
والثاني بختنصر بفارس والثالث دو نواس باليمن إلا أن التي بالشام وفارس لم تشتهر عند العرب.